سيرة

عبد الحميد السائح

سيرة

عبد الحميد السائح

1907, نابلس
8 كانون الثاني 2001, عمّان

ولد في مدينة نابلس؛ والده: عبد الحليم السائح؛ والدته: صبحة بكري؛ زوجته: فضلية بكري؛ أبناؤه: قدري، وأسامة، وبسام؛ بناته: نوال، ونائلة، وباسمة.

درس عبد الحميد السائح المرحلة الابتدائية في "مدرسة الخان" في نابلس، وتابع دراسته الثانوية في "المدرسة الرشادية الشرقية" التي صارت تُعرف فيما بعد بـ"الصلاحية". وكان يحضر حلقات التدريس في المساجد.

بعد أن أنهى دراسته الثانوية في سنة 1920، سافر عبد الحميد السائح إلى القاهرة ضمن بعثة دراسية، اختارتها لجنة من علماء نابلس ووجهائها، كي يلتحق أفرادها بالجامع الأزهر، فدرس الفقه والعلوم الإسلامية وحصل في سنة 1923 على شهادة "الأهلية"، ثم نال في سنة 1925 شهادة "العالمية". وخلال دراسته في الأزهر، التحق بمدرسة القضاء الشرعي التابعة لوزارة المعارف المصرية، وحصل فيها في سنة 1927 على شهادة تخصص بالشريعة الإسلامية.

بعد عودته إلى فلسطين في تموز/ يوليو 1927، عمل السائح مدرساً للغة العربية والدين الإسلامي في "كلية النجاح الوطنية" في نابلس 1928– 1929، ونسج فيها علاقات صداقة متينة مع الشاعر إبراهيم طوقان وابن عمه قدري طوقان.

شارك السائح، بعد "انتفاضة البراق" في آب/ أغسطس 1929، في تأسيس جمعية سرّية في نابلس هدفها توعية الناس على مخاطر الأطماع الصهيونية في فلسطين وحضهم على النضال ضد الاستعمار البريطاني. كما كان من أعضاء المؤتمر الذي عُقد في نابلس في 1 آب 1931 للاحتجاج على تسليح اليهود. ولدى تأسيس "حزب الاستقلال العربي" (آب/ أغسطس 1932)، صار من أنصاره ومن خطباء اجتماعاته، من دون أن ينضم إليه رسمياً. كما شارك في تشرين الأول/ أكتوبر 1932 في تأسيس "جمعية الشبان المسلمين" في نابلس.

وكان السائح، الذي ربطته علاقة جيدة بالحاج أمين الحسيني، رئيس "المجلس الإسلامي الأعلى"، قد دعي في سنة 1930 للعمل رئيساً لكُتّاب محكمة نابلس الشرعية، ثم عيّن في سنة 1935 قاضياً في المحكمة نفسها.

بعد إعلان الإضراب العام في نيسان/ أبريل 1936، وتأليف اللجان القومية في المدن الفلسطينية، اختارت اللجنة القومية في نابلس عبد الحميد السائح رئيساً للجنة التبرعات فيها. وفي أيلول/ سبتمبر 1937، اعتقلته السلطات البريطانية واحتجزته لمدة تسعة أشهر في معتقل "مزرعة عكا". وبعد إطلاق سراحه، نفته سلطات الانتداب إلى مدينة البيرة، حيث أمضى عاماً كاملاً.

في سنة 1939، عُيّن السائح أميناً عاماً لـ"المجلس الإسلامي الأعلى" وبقي يشغل هذا المنصب حتى أواخر سنة 1940، عندما عُيّن قاضياً لمحكمة القدس الشرعية حتى أواخر سنة 1945، رُقّي بعدها إلى عضو في محكمة الاستئناف الشرعية في القدس، وظل يشغل هذا المنصب حتى سنة 1948.

بعد وقوع نكبة فلسطين، عُيّن السائح رئيساً لمحكمة الاستئناف ومديراً للمحاكم الشرعية في الضفة الغربية لنهر الأردن، التي باتت خاضعة للحكم الأردني. وبعد توحيد ضفتي نهر الأردن رسمياً في نيسان 1950، أصبح رئيساً لمحكمة الاستئناف الشرعية في الأردن، كما عين عضواً في مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية.

اختير السائح عضواً في أول مجلس وطني فلسطيني عقد في مدينة القدس في أواخر أيار/ مايو 1964 وانبثقت عنه منظمة التحرير الفلسطينية.

وبعد قيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية، ومن ضمنها القدس الشرقية، في حزيران/ يونيو 1967، بادر عبد الحميد السائح، بالتعاون مع بعض وجهاء القدس المحتلة، إلى تشكيل "الهيئة الإسلامية العليا في القدس" التي فوضته كي يمارس صلاحية قاضي القضاة في الضفة الغربية، كما فوّضت محكمة الاستئناف الشرعية في القدس بممارسة صلاحية مجلس الأوقاف ولجنة إعمار المسجد الأقصى.

ونتيجة وقوفه في مقدمة المناهضين للاحتلال الإسرائيلي، وقيامه بدعوة المواطنين إلى مقاومته من خلال الخطب والدروس التي كان يلقيها في المسجد الأقصى، قررت سلطات الاحتلال، في 23 أيلول 1967 إبعاده إلى الأردن، فكان أول فلسطيني تبعده إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب حزيران.

شغل السائح منصب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الحكومة الأردنية مرتين، ما بين 7 تشرين الأول 1967 و26 كانون الأول/ ديسمبر 1968، وما بين 27 حزيران 1970 ومنتصف أيلول 1970. كما عُيّن قاضياً للقضاة، وكان محاضراً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية.

لعب عبد الحميد السائح دوراً كبيراً في عقد المؤتمر الكبير في عمّان في 21 شباط/ فبراير 1968 الذي انبثقت عنه لجنة دائمة لإنقاذ القدس.

اختاره الملك الأردني حسين من بين الأعضاء المؤسسين لـ "المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت)" الذي أُعلن عن قيامه رسمياً في عمّان سنة 1980.

انتخب السائح رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني، خلفاً لخالد الفاهوم، في دورة اجتماعاته السابعة عشرة التي عقدت في عمّان في تشرين الثاني/ نوفمبر 1984، واستمر رئيساً لهذا المجلس حتى اعتزاله العمل السياسي واستقالته في سنة 1993، بسبب كبر سنه ومرضه وبقي في عمّان بعيداً عن الأضواء والحياة السياسية.

توفي الشيخ عبد الحميد السائح في عمّان، ودفن، بناءً على وصيته، في مدينة القدس.

الشيخ عبد الحميد السائح من المناضلين الفلسطينيين الذين شاركوا في جميع مراحل النضال الوطني الفلسطيني، وكرسوا حياتهم من أجل نصرة الحق الفلسطيني وحماية القدس الشريف. كان صاحب فكر ثاقب ومواقف مبدئية، عُرف بأخلاقه وأدبه، وتواضعه واعتداله، وحظي باحترام الأوساط الوطنية الفلسطينية والأردنية على السواء، كما اشتهر بلقب "الشيخ الأحمر" بسبب مواقفه التقدمية.

حصل الشيخ عبد الحميد السائح على "وسام النهضة من الدرجة الأولى" من الأردن في أيلول 1967، وعلى "وسام الكفاءة الفكرية الدرجة الممتازة" في كانون الثاني/ يناير 1968 من المغرب. وفي سنة 2013، منحه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود  عباس "وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا" تقديراً لدوره الوطني.

من آثاره:                                          

"مبادئ في الدين الإسلامي". عمّان: وزارة التربية والتعليم، 1964.

"مبادئ في الدين الإسلامي". القدس: قيادة الضفة الغربية، مكتب شؤون التربية والتعليم، 1967.

"نهج الإسلام". القدس: قيادة الضفة الغربية، مكتب شؤون التربية والتعليم، 1966، 1967، 1972.

"التربية الإسلامية". القدس: قيادة الضفة الغربية، مكتب شؤون التربية والتعليم، 1972-1974.

"مكانة القدس في الإسلام". عمّان: لجنة إنقاذ القدس، 1969.

"الانتفاضة الفلسطينية: مستقبلها ودورها في التحرير". عمّان: مركز دراسات الشرق الوسط، 1991.

"ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى؟". القاهرة: دار الشعب، 1970.

"فلسطين، لا صلاة تحت الحراب: مذكرات الشيخ عبد الحميد السائح". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1994.

Sayeh, Abd al-Hamid. La position de Jérusalem dans l'Islam. traducteur Ibrahim el-Mouelhy, réviseur Ahmad Rachad. Le Caire: Conseil Supérieur des Affaires Islamiques, 1968.  

 

المصادر:

الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.

سلامة، زياد أحمد. "الشيخ عبد الحميد السائح: حياته، وفكره ومواقفه". عمّان: مؤسسة عبد الحميد شومان، 1996.

شاهين، أحمد عمر. "موسوعة كتّاب فلسطين في القرن العشرين- الجزء  الثاني". دمشق: المركز القومي للدراسات والتوثيق، 1992.

العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان: د. ن.، 1976.

لوباني، حسين علي. "معجم أعلام فلسطين في العلوم والفنون والآداب". بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2012.

Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.